للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفائدة الثالثة: على المفتي أن يُفَصِّل الجواب إذا احتيج لذلك، وإن لم يتفطن له السائل ويسأل عنه.

الفائدة الرابعة: أنه ينبغي على الإنسان أن يسلك أقصر الطرق للحصول على المقصود؛ لأن النبي اقتصر على ما يمكن حصره، وهو الذي لا يُلبس، والحكمة فيه أنَّ ما يجتنبه المحرم ويمتنع عليه لبسه محصور، فذِكْرُه أولي، ويبقى ما عداه على الإباحة، بخلاف ما يُباح لبسه، فإنه كثير غير محصور، فذكره تطويل، وفيه تنبيه على أنَّ السائل لَمْ يُحسن السؤال، وأنه كان الأليق السؤال عما يتركه، فعدل عن مطابقته إلى ما هو أولى، وقريب منه قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ﴾ [البقرة: ٢١٥]، فالسؤال عن جنس المنفَق، فعدل عنه في الجواب إلى جنس المنفَق عليه؛ لأنه أهمّ، وكان اعتناء السائل بالسؤال عنه أولى.

الفائدة الخامسة: أجمعوا على أنَّ المراد بالمحرم في الحديث هو الرجل لا المرأة؛ لأنها لا تُمنع من لبس هذه الأنواع بالإجماع كما ذكره ابن المنذر.

الفائدة السادسة: وفيه التجرد عند القدوم على الله في مثل هذا، وترك الزينة، والتواضع لله تعالى.

قال الإمام ابن رَشِيد (ت ٧٢١ هـ): خَتَمَ الْبُخَارِيُّ كِتَابَ الْعِلْمِ بِبَابِ مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَ عَنْهُ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَنَّهُ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْجَوَابِ عَمَلًا بِالنَّصِيحَةِ وَاعْتِمَادًا عَلَى النِّيَّةِ الصَّحِيحَة، وَأَشَارَ قَبْلَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ بِتَرْجَمَةِ مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الِاخْتِيَارِ مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ رُبَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ، فَأَتْبَعَ الطَّيِّبَ بِالطَّيِّبِ بِأَبْرَعِ سِيَاقٍ وَأَبْدَعِ اتِّسَاقٍ (١).

تم بحمد الله تعالى


(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري (١/ ٢٣٢) ط دار المعرفة.

<<  <   >  >>