الفائدة الثانية: عبر النبي ﷺ بالمآل والمقصود لبيان خطره فقال: يسروا وضد التيسير التعسير، وقال بشروا وضد التبشير الإنذار، فقال لا تنفروا ولم يقل ولا تنذروا يعني ولا يغلب عليكم التخويف؛ لأن الزيادة في الإنذار والتخويف ينفر، فذكر النبي ﷺ المآل، فكأنه ذكر الشيء وعلته.
الفائدة الثالثة: التلطف بالمدعو سواء كان المدعو صغيرًا أو كبيرًا مسلمًا أو كافرًا، فهذه صورة عامة للدعوة، والتلطف ليس معناه ترك الزجر مطلقا، ولكن الرفق واللين، والله تعالى جعل لنشر الدين سُبُلًا وطُرُقًا، ومن أهمها الدعوة والجهاد، وهذان السبيلان مختلفان، فقال تعالى في الدعوة: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: ١٢٥]، وقال في الجهاد ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة: ٧٣].
• فالأصل في الجهاد القوة والغلظة، والأصل في الدعوة الحكمة والموعظة الحسنة، فلا يجوز تبديل هذا مكان هذا.
الفائدة الرابعة: يسر الدين، فالنبي ﷺ أمر باليسر والتيسير.
مسألة هامة:
ليس معنى اليسر الأخذ بالأخف، فالأصل أنَّ كل الدين يسر، قال النبي ﷺ(إنَّ الدين يسر)(١)، ولكن المعنى إذا خُيِّر الإنسان بين أمرين والشرع يسع الأمرين يختار الأيسر منهما.
الفائدة الخامسة: اختيار الوقت المناسب للنذارة، وأنَّ بداية التعليم تكون بالتبشير، لأن البداية لو كانت بالنذارة أدت إلى النفور.