(ابن أبي نجيج): هو الإمام أبو يسار عبد الله بن أبى نجيح واسمه يسار الثقفي المكي، لما مات عمرو بن دينار كان يفتى بعده ابن أبى نجيح كما قال سفيان. توفي سنة ١٣١ هـ، وقيل بعدها.
• وفي الباب فوائد منها:
حديث ابن عمر سبق ذكر بعض فوائده، وهنا بعض الفوائد الأخرى ومنها:
الفائدة الأولى: ما كان عليه بعض الصحابة ﵃ من توقي رواية الحديث ونقله عن النبي ﷺ إلا لحاجة، وذلك مأخوذ من قول مجاهد: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى المَدِينَةِ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا، وكان بعض الصحابة يتوقى رواية الحديث خشية الزيادة والنقصان كالزبير.
سؤال: كيف يتوقى ابن عمر الرواية وهو من الرواة المكثرين للحديث؟
الجواب: لأن ابن عمر كان مفتيًا فكان يُسْأَلُ كثيرًا، فكان إذا سئل أجاب وذكر الحديث، فنقل عنه كثير من الحديث لهذا السبب.
وفي هذا دليل أيضًا على عطاء الله وكرامته، فكان ابن عمر يتوقى رواية الحديث، ولكن قدر الله له أن ينقل عنه كثير من الأحاديث.
الفائدة الثانية: أهمية صحبة وملازمة أهل العلم، فقد استفاد ابن عمر الفهم والعلم بملازمة النبي ﷺ وأصحابه، ومما يدل على ذلك أيضًا أنَّ النبي ﷺ قال يومًا:«إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ» فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ المُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ (١).
(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (باب هجرة النبي ﷺ ح ٣٩٠٤)، ومسلم (في فضائل الصحابة باب من فضائل أبي بكر ﵁ رقم ٢٣٨٢).