وقد ورد ذلك عن السلف والعلماء فقد كانوا يتناظرون ويتناقشون ويتمارون في مسائل دون الوصول إلى المشاحنة والبغضاء.
فَحِكَايَةُ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ، لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ مِقْدَارِ الصَّاعِ وَالْمُدِّ، فَأَمَرَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَنْ يَأْتُوهُ بِصِيعَانِهِمْ حَتَّى اجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ، فَلَمَّا حَضَرَ أَبُو يُوسُفَ قَالَ مَالِكٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ: مِنْ أَيْنَ لَك هَذَا الصَّاعُ؟
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يُؤَدِّي بِهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وَقَالَ الْآخَرُ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أُمِّهَا أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَدِّي بِهِ - يَعْنِي صَدَقَةَ حَدِيقَتِهَا - إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
وَقَالَ الْآخَرُ نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْآخَرُ نَحْوَ ذَلِكَ.
فَقَالَ مَالِكٌ لِأَبِي يُوسُفَ: أَتَرَى هَؤُلَاءِ يَكْذِبُونَ؟
قَالَ: لَا، وَاَللَّهِ مَا يَكْذِبُ هَؤُلَاءِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَأَنَا حَرَّرْت هَذَا بِرِطْلِكُمْ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ فَوَجَدْته خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا.
فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِمَالِكٍ: قَدْ رَجَعْت إلَى قَوْلِك يَا أَبَا عَبْدَ اللَّهِ، وَلَوْ رَأَى صَاحِبِي مَا رَأَيْت لَرَجَعَ كَمَا رَجَعْت (١).
• وحدث ذلك بين الشافعي ومحمد بن الحسن في مسألة من الأعلم بالقياس هل هو مالك أم أبو حنيفة؟
فقال الشافعي لمحمد بن الحسن: بالإنصاف أم بالمكابرة؟
فقال: بل بالإنصاف.
(١) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (١/ ٢٢٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute