للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وقال أيضًا: ما ناظرت أحدًا ولم أبال بيَّن الله الحق على لساني أو لسانه (١).

الفائدة الرابعة: جواز حمل الظاهر على غير ظاهره إن وجدت قرائن على ذلك، فَفَهْمُ ابن عباس وحسن أدبه كان معروفًا جليًّا؛ لذا وجه العلماء مقالته حيث إنه دعا أبيًّا، قالوا "فدعاه" ليست على ظاهرها، ولكن المعنى أنه قام إليه وسأله، وذلك لما يعرف عن ابن عباس في باب الأدب الشيء الكثير، فقد كان ابن عباس إذا رأى أُبيًّا يسير على ناقة كان يمسك بخطامها، فيقال له أتفعل هذا برجل من الأنصار وأنت ابن عم رسول الله ، فيقول: إنه ينبغي للحبر أن يعظم ويشرف (٢).

• وكان إذا رأى زيد بن ثابت يأخذ بناقته فيقال له: تفعل ذلك وأنت ابن عم رسول الله فيقول: هكذا أمرنا أن نصنع بعلمائنا (٣).

الفائدة الخامسة: حسن المسألة، فحسن المسألة نصف العلم كما سبق مرارًا، وذلك أنه لم يقل له ما تقول في كذا؟ بل قال هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟

فكأنه يسأله عن المسألة ودليلها.

الفائدة السادسة: استحباب نسبة العلم والفضل والخير لله تعالى والاعتراف بذلك من الشكر، فقد أوحى الله إلى موسى أنَّ هناك من هو أعلم منك لما سئل: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ " قَالَ مُوسَى: لا، فَأَوْحَى اللَّهُ ﷿ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، وإن كان الخضر ليس أعلم من موسى في كل شيء؛ ولكنه عنده علم ليس عند موسى.


(١) المصدر السابق.
وقال أيضًا: وددت أنَّ الخلق يتعلمون هذا العلم ولا ينسب إلي منه شيء.
(٢) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (١/ ١٨٨).
الحبر - بالفتح -: هو العالم، وأيضًا يجوز قول الحِبر - بالكسر -.
(٣) المصدر السابق.

<<  <   >  >>