١٣٠ - قال في قوله تعالى:{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ}: " يعني سنتنا في هلاكهم، أو يأتيهم العذاب عياناً وقُبُلاً أصنافاً ".
قلت: لو اقتصرنا على هذا الكلام يكون معناه: ما يمنعهم من الإيمان والاستغفار بعد مجيء القرآن إلا إتيان العذاب والهلاك، ولا عن أن يكون إتيان العذاب والهلاك مانعاً من الإيمان؛ لأن المانع من الأمر الوجودي لا بد أن يكون موجوداً، وإتيان العذاب لم يكن موجودا في حال كفرهم، إذ لو وُجد لهلكوا، وما كانوا بعد الهلاك مكلفين بالإيمان، ولأن المانع من الإيمان إما تقصيرهم في النظر، أو خذلان الله إياهم، وعلى تقدير مجيء العذاب والهلاك إن آمنوا فلا يكون مجيء العذاب مانعاً، وإن لم يؤمنوا لا يكون امتناعهم من الإيمان لإتيان العذاب والهلاك؛ بل لأمر من خارج وهو ما ذكرنا، وكيف يكون إتيان العذاب والهلاك مانعاً لهم من الإيمان، فإن الإيمان