للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١) وقال تعالى: {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: ٣٦] (٢) وحصل من أذيتهم القولية والفعلية مما هو معلوم لدى العلماء في التاريخ، ومع هذا صبر فكانت العاقبة له، إذن فكل داعية لا بد أن يناله الأذى ولكن عليه أن يصبر، ولهذا لما قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا} [الإنسان: ٢٣] (٣) كان من المتوقع أن يقول الله فاشكر نعمة الله على تنزيل هذا القرآن ولكن الله قال له: فاصبر لحكم ربك (٤) إشارة إلى أن كل من قام بهذا القرآن فلا بد أن يناله ما يناله من الأمور التي تحتاج إلى صبر عظيم. فعلى الداعية أن يكون صبورا، وأن يستمر حتى يفتح الله له، وليس من الضروري أن يفتح الله له في حياته، بل إن المهم أن تبقى دعوته ولو بعد موته فإنه حي، قال الله عز وجل: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢] (٥) ففي الحقيقة أن حياة الداعية ليس معناها أن تبقى روحه في جسمه فقط بل أن تبقى مقالته حية بين الناس، وانظر إلى قصة أبي سفيان مع هرقل حين


(١) سورة الأنفال، الآية ٣٠.
(٢) سورة الصافات، الآية ٣٦.
(٣) سورة الإنسان، الآية ٢٣.
(٤) سورة الإنسان، الآية ٢٤.
(٥) سورة الأنعام، الآية ١٢٢.

<<  <   >  >>