رابعا: التواضع التواضع من أهم الصفات اللازمة لنجاح الداعية إلى الله الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، ويعني التواضع معرفة المرء قدر نفسه وتجنب الكبر، ويتطلب أن يتجنب الإنسان المباهاة بما فيه من الفضائل والمفاخرة بالجاه والمال. . . وأن يتحرز من الإعجاب والكبر. والتواضع لا يكون إلا في أكابر الناس ورؤسائهم وأهل الفضل والعلم، أما الإنسان العادي فلا يقال له: تواضع، وإنما يقال له:" أعرف نفسك لا تضعها في غير موضعها ".
ومن التواضع أن يتواضع المرء مع أقرانه (١) وكثيرا ما تثور بين الأقران والأنداد روح المنافسة والتحاسد، وربما استعلي الإنسان على قرينه، وربما فرح بالنيل منه، والحط من قدره وشأنه، وعيبه بما ليس فيه أو تضخيم ما فيه، وقد يظهر ذلك بمظهر النصيحة والتقويم وإبداء الملاحظات، ولو سمى الأمور بأسمائها الحقيقية لقال الغيرة.
ومن التواضع أيضا التواضع مع من هو دونك، فإذا وجدت أحدا أصغر منك سنا أو أقل منك قدرا فلا تحقره، فقد يكون أسلم منك قلبا أو أقل منك ذنبا أو أعظم منك إلى الله قربا. حتى لو رأيت إنسانا فاسقا وأنت يظهر عليك الصلاح فلا تستكبر عليه، واحمد الله
(١) بتصرف، من أخلاق الداعية، مصدر سابق، ص ٩ - ص ٣٧.