أن قولهم الأخصر والأجود يدل على ما هو المطلوب - أي الحياة - بالتبع، أي جعل نفي القتل مطلوبا أصالة، والحياة تبع له، بخلاف لفظ القرآن الكريم فإنه دال على ما هو مقصود أصلي، أي جعل نفي القتل مطلوبا تبعا من حيث إنه يتضمن حصول الحياة الذي هو مطلوب أصالة.
أن القتل ظلما قتل مع أنه ليس بناف للقتل، ولا يفيد وجوب الاقتصاد على قتل القاتل فقط، بخلاف لفظ القرآن الكريم، فإنه لايجيز القتل ظلما، وهو ناف للقتل بإيجابه القصاص الذي هو قتل القاتل لا غيره، فظاهر قولهم باطل، وأما لفظ القرآن الكريم فصحيح من كل وجه.
الوجه التاسع: أن الجزالة والعذوبة بمنزلة الصفتين المتضادتين، واجتماعهما على ما هو ينبغي في كل جزء من أجزاء الكلام الطويل خلاف العادة المعتادة للبلغاء، فاجتماعهما في كل موضع من مواضع القرآن الكريم دليل على كمال بلاغته وفصاحته الخارجتين عن العادة.
الوجه العاشر: أن القرآن الكريم مشتمل على جميع فنون البلاغة من ضروب التأكيد وأنواع التشبيه والتمثيل وأصناف الاستعارة، وحسن المطالع والمقاطع، وحسن الفواصل والتقديم والتأخير، والفصل والوصل اللائق بالمقام، وخلوه عن اللفظ الركيك والشاذ الخارج عن القياس النافر عن الاستعمال، وغير ذلك من أنواع البلاغة، ولا يقدر أحد من البلغاء الكملاء من العرب الأصلاء إلا على نوع أو نوعين من الأنواع المذكورة، ولو رام نوعا غيره في كلامه لم يتأت له وكان مقصرا، والقرآن الكريم محتو عليها كلها.
فهذه الوجوه العشرة تدل على أن القرآن الكريم في الدرجة العالية من