للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان يستقبل فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم) الوفود الذين يفدون إليه مسلمين ليتعلموا القرآن الكريم، والسنة النبوية، والأحكام الشرعية، روى البخاري وغيره عن مالك بن الحويرث (رضي الله عنه) أنه قال: «أتينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رحيمًا رفيقًا، فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه، فقال: (ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم، وعلِّموهم ومروهم، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم» ) (١) .

وهكذا فكان المسجد في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جامعة تخرج فيها العلماء الأوائل، وتربى فيها الرعيل الأول، وانطلق منها المعلمون إلى ديار الإسلام المختلفة، واستمر حال المسجد كذلك ميدانا للعلم والمعرفة والتربية، بل لم يكن يعرف مقر للتعليم يجمع الناس إلا المسجد، وكون التعليم في المسجد يعطيه خاصية فريدة على غيره إذ أن المكث فيه مع العلم والتعليم يضفي على المتعلم جوًا عباديًا يشعر معه بارتباطه بالله سبحانه وتعالى، إذ أن الدافع معه


(١) رواه البخاري برقم (٦٢٨) في الأذان، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد، ومسلم برقم (٦٧٤) في الصلاة، من حق بالإمامة.

<<  <   >  >>