قصة بني عبيد القداح فإنهم ظهروا على رأس المائة الثالثة. فادعى عبيد الله أنه من آل علي بن أبي طالب من ذرية فاطمة، وتزيا بزي أهل الطاعة والجهاد في سبيل الله. فتبعه أقوام من البربر من أهل المغرب. وصار له دولة كبيرة في المغرب ولأولاده من بعده. ثم ملكوا مصر والشام، وأظهروا شرائع الإسلام وإقامة الجمعة والجماعة. ونصبوا القضاة والمفتين. لكن أظهروا الشرك ومخالفة الشريعة، وظهر منهم ما يدل على نفاقهم وشدة كفرهم. فأجمع أهل العلم: أنهم كفار، وأن دارهم دار حرب، مع إظهارهم شعائر الإسلام.
وفي مصر من العلماء والعباد أناس كثير، وأكثر أهل مصر لم يدخل معهم فيما أحدثوا من الكفر. ومع ذلك أجمع العلماء على ما ذكرناه، حتى إن بعض أكابر أهل العلم المعروفين بالصلاح قال لو أن معي عشرة أسهم لرميت بواحد منها النصارى المحاربين. ورميت بالتسعة بني عبيد.
ولما كان زمان السلطان محمود بن زَنْكي أرسل إليهم جيشا عظيما بقيادة صلاح الدين. فأخذوا مصر من أيديهم. ولم يتركوا جهادهم بمصر لأجل من فيها من الصالحين.
فلما فتحها السلطان محمود فرح المسلمون بذلك أشد الفرح. وصنف ابن الجوزي في ذلك كتابا سماه " النصر على مصر ".