للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما أنا في نفسي؛ فلا يضرُّني التهديدُ، ولا أكبرُ (١) منه، ولا يمنَعُني ذلك من نصيحةِ السُّلطانِ، فإني أعتَقِدُ أنَّ هذا واجبٌ علي وعلى غيري، وما ترتَّبَ على الواجبِ؛ فهو خيرٌ وزيادةٌ عند الله تعالى؛ {إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (٣٩)} [غافر: ٣٩] (٢)، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٤٤)} [غافر: ٤٤] (٣)، وقد أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقول بالحق حيث ما كنا، وأن لا نخافَ في اللهِ لومَةَ لائِمٍ.

ونحنُ نُحِبُّ للسلطانِ معاليَ الأمورِ، وأكمَلَ الأحوالِ، وما يَنْفَعُهُ في آخرتِه ودُنياه، ويكونُ سبباً لدوامِ الخيراتِ له، ويَبْقى ذكرُهُ له على ممرِّ الأيام، ويخلُدُ في سننه الحسنة، ويجد نفعَه {يَومَ تَجدُ كل نَفس مَا عَمِلَت مِن خير محضَراً} (٤).

وأما ما ذُكِر من تمهيد [السلطان] (٥) البلادَ، وإدامتَه الجهاد، وفتح الحصون، وقهر الأعداء؛ فهذا بحمدِ الله من الأمور الشائعة، التي اشترك في العلم بها الخاصَّةُ والعامَّة، وسارَتْ في أقطارِ الأرضِ، ولله الحمد، وثواب ذلك مُدَّخَرٌ للسلطانِ إلى (يَومَ تَجدُ كُل نَفس مَا عَمِلَت مِن خير محُضَراً} (٦).

ولا حُجَّة لنا عند الله تعالى إذا تَرَكْنا هذه النَّصيحَةَ الواجبةَ علينا.

والسلام عليكم، ورحمة الله وبركاته.


(١) كذا في الأصل، وعند السخاوي والسيوطي: "أكثر".
(٢) سورة غافر، الآية: ٣٩.
(٣) سورة غافر، الآية: ٤٤.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ٣٠.
(٥) ما بين المعقوفتين من هامش الأصل.
(٦) سورة آل عمران، الآية: ٣٠.

<<  <   >  >>