إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فهذا كتاب مهم ينشر لأوّل مرة، وهو لعالم رباني، وإمام متفنّن، وضع الله القبول لمؤلفاته، وأحسب ذلك لإخلاصه وعلمه وأدبه، وسليم قصده، ودقة عباراته، وبديع وصفه، وجودة سبكه، وحسن اختياره، وأمانة نقله، وعفّة لسانه، وتجرُّده للحق وعدم تعصّبه، وسلامة منهجه في دورانه مع الدليل، وإعطائه خواصه من الحاكمية والشمول والثبات والعصمة، وأنه قابل للعمل والتطبيق، مع التحرِّي في صحَّته، وإعمال قواعد أهل الصنعة في ذلك.
ووضعتُ بين يدي هذا الكتاب -ألا وهو "الإيجاز في شرح سنن أبي داود السجستاني رحمه الله"- تعريفاً به، ودراسة مستقصاة عن المقدار الذي وصل إليه صاحبه فيه، وتتبّعت النقص الذي فيه، وجهدتُ في حصره وإثباته في مقدِّمته.
واستحسنتُ البدء بالتعريف بصاحبه ومؤلفه، وهو الإمام الجليل العلامة محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت ٦٧٦هـ)