للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٧ - فصل: في ذكر المواثي التي رثاهُ بها العلماء

قرأتُ على شيخِنا العلامة شيخ الأدب أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن عمر بن أبي شاكر الحنفي الأربلي رحمه الله (١)، وكان مدرِّساً للقايمازية بدمشق: قلتَ -رضي الله عنك- وكان ذلك في العشر الأول من شعبان سنة ست وسبعين وست مئة:

عَز العَزاءُ وعَم الحادِثُ الجَلَلُ ... وخابَ بالمَوْتِ في تَعْميرِكَ الأمَلُ

واسْتَوْحَشَتْ بَعْدَما كنْتَ الأنيسَ لها ... وساءهَا فَقْدُكَ الأسْحارُ والأصُلُ (٢)

[٣٥] قَدْ كُنْتَ للدينِ نُوراً يُسْتَضاءُ بهِ ... مُسَدداً مِنْكَ فيهِ القَوْلُ والعَمَلُ/

وكُنْتَ تَتْلو كِتابَ اللهِ مُعْتَبِراً ... لا يَعْتَريكَ على تَكْرارِهِ مَلَلُ

وكُنْتَ في سُنةِ المُخْتارِ مُجْتَهِداً ... أنْتَ باليُمْنِ والتَّوْفيقِ مُشْتَمِلُ

وكُنْتَ زيناً لأهْل العِلْمِ مُفْتَخِراً ... على جَديدٍ كَساهُمْ ثوبُكَ السملُ (٣)

وكُنْتَ أسْبَغَهُمْ ظِلاًّ إذا استْعَرَتْ ... هَواجِرُ الجَهْلِ والإِظْلالُ يَنْتَقِلُ

كساكَ رَبُّكَ أوْصافَاً مُجَمَّلَةً ... يَضِيْقُ عَنْ حَصْرِها التَّفْصيلُ والجُمَلُ

أَسْلَى (٤) كَمالُكَ عَنْ قَوْم مَضَوْا بَدَلاً ... وعَنْ كَمالِكَ لا مُسْلٍ ولا بَدَلُ

فمِثْلُ فَقْدِكَ تَرْتَاعُ، العُقولُ لهُ ... وفَقْدُ مِثْلِكَ جُرْحٌ لَيْسَ يَنْدَمِلُ

زَهِدْتَ في هذهِ الدُّنْيا وزُخْرُفِها ... عَزْماً وحَزْماً فَمَضْروبٌ بكَ المَثَلُ

أعْرَضْتَ عَنْها احْتِقاراً غَيْرَ مُحْتَفِلٍ ... وأنْتَ بالسَّعْيِ في أُخْراكَ مُحْتَفِلُ


(١) انظر ترجمته في: "الجواهر المضيئة" (٢/ ١٩)، و"الدارس في تاريخ المدارس" (١/ ٥٧٤).
(٢) (الأصل): واحدها: الأصيل، وهو ما بعد العصر وقبل العشي.
(٣) الثوب السَّمل: البالي.
(٤) السُّلوان: هو النسيان.

<<  <   >  >>