للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجرى ما جرى من قول قائل للسُّلطان -وفَّقه الله لكريمِ الخيرات-: إنَّ هذه البساتين يَحِلُّ انتزاعُها مِن أهلها عندَ بعضِ العلماء، وهذا من الافتراء الصريح، والكذب القبيحِ، فوجب عليَّ وعلى جميعِ مَن عَلِمَ هذا من العلماء أن يُبَيِّنَ بطلان هذه المقالة، ودَحْضَ هذه الشناعة، وأنَّها خلافُ إجماع المسلمين، وأنَّه لا يقولُ بها أحدٌ من أئمَّةِ الدين، وأن يُنْهوا (١) ذلك إلى سلطان المسلمين، فإنَّه يجبُ على الناس نصيحته؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "الدِّينُ النصيحة؛ لله، ولكتابه، ولرسوله، وأئمَّة المسلمين، وعامَّتهم" (٢).

وإمام المسلمين في هذا العصر هو السلطان -وفّقه الله تعالى لطاعته، وتولاه بكرامته-.

وقد شاع بين الخواصِّ والعوام، أنَّ السلطانَ كثيرُ الاعتناءِ [٨٣] بالشَّرْعِ، ومحافظٌ على العملِ به، وأنَّه بَنَى المدرسة لطوائف/ العلماء، ورتَّبَ القضاة من المذاهب الأربعة، وأمر بالجلوس في دار العدل، لإقامة الشرع، وغير ذلك؛ مما هو معروف من اعتناء السُّلطان -أعزَّ الله أنصارَهُ- بالشرع، وأنَّه إذا طلبَ طالبٌ منهُ العملَ بالشرعِ؛ أمر بذلك، ولم يخالفه.

فلما افترى هذا القائلُ في أمرِ البساتين ما افتراه، ودلَّس على السلطان، وأظهر أن انتزاعها جائزٌ عند بعض العلماء، وغشَّ السلطان في ذلك، وبلغ ذلك علماء البلد؛ وجب عليهم نصيحةُ السلطان،


(١) أي: يرفعوا.
(٢) مضى تخريجُه.

<<  <   >  >>