للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه، وغشَّه، ولم ينصحه. فإن السلطان ما يفعلُ هذا إلا لاعتقادِهِ أنه حلالٌ عند بعض العلماء، فبيَّنوا أنه حرامٌ عند جميعهم. وأنت [قد] (١) قُلْتَ: إنك لم تتكلم فيها، وحلفتَ على هذا بالطَّلاقِ الثلاث، فأيُّ ضررِ عليك في إبطال قولٍ كاذبٍ على الشرع، غاشٍّ مدلس على السلطان، وقد قلت: إنه غيرُك؟! وكيف تكره السَّعْيَ [٨٥] على شيءٍ قد أجمعَ الناسُ/ على استحسانِهِ؟! بل هو واجب على مَن قدر عليه.

وأنا -بحمد الله- من القادرين عليه بالطريق الذي سلكتُ، وأما نجاحُه، فهو إلى الله تعالى؛ مقلِّب القلوب والأبصار.

ثم إني أتعجَّب غايةَ العجب من اتِّخاذك إياي خَصماً، ويا حَبَّذا ذلك من اتخاذ، فإنِّي -بحمد الله تعالى- أحِبُّ في الله تعالى، وأبْغِضُ فيه، فأحِبُّ مَن أطاعهُ، وأبْغِضُ مَن خالفه، وإذا أخبرتَ عن نفسِكَ بكراهتِك السَّعْيَ في مصلحة المسلمين، ونصيحة السلطان؛ فقد دخلتَ في جملة المخالفين، وصرتَ ممَّن نُبْغِضهُ في الله ربِّ العالمين، فإنَّ ذلك من الإيمان؛ كما جاءت به الآثار الصحيحة، المنقولة بأسانيد الأئمة الأخيار (٢).

ارْضَ لِمَنْ غَابَ عَنْكَ غِيْبَتَهُ ... فَذاكَ ذَنْبٌ عِقابُهُ فِيهِ

ويا ظالم نفسه! أنا خاصمتُك، أو كالَمْتُك، أو ذكرتُك، أو بيني


(١) ما بين المعقوفتين من هامش الأصل.
(٢) يشير الإمام النووي إلى حديث: "مَن أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان".
أخرجه أبو داود في "السنن" (رقم ٤٦٨١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (رقم ٧٦١٣و ٧٧٣٧ و ٧٧٣٨)، والبغوي في "شرح السنة" (١٣/ ٥٤)، والبيهقي في "الاعتقاد" (ص ١٧٨ و ١٧٩)؛ وغيرهم بإسنادٍ حسنٍ.

<<  <   >  >>