وحذَّر من قولهم بالرّجعة، فقال:"الرجعة: ما تقولهُ الرافضة وتعتقده بزعمها الباطل: أن عليّاً - رضي الله عنه - في السحاب! فلا نخرج -يعني مع مَن يَخرج من ولده- حتى ينادى من السماء: أنِ اخرجوا معه!! وهذا نوعٌ من أباطيلهم، وعظيم من جهالاتهم، اللائقة بأذهانهم السخيفة، وعقولهم الواهية"(١).
وأكتفي بهذا القدر من الأمثلة الواضحة حول موقف الشيخ الإمام النووي من البدع وأصحابها، ووجدنا ميزانه في ذلك أن ما وافق السنَّة هو الحق الذي لا بدَّ من اتباعه والسير على وفقه، وما خالف السنة من أشياء محدثة مبتدعة لا بدَّ من تجنُّبِها والابتعاد عنها ابتعاداً كُليّاً.
وقد لاحظنا فيما مضى أنه إذا سُلِمَ عن شيء ووجد فيه مخالفة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ نبَّهَ إلى ذلك، وحذر تحذيراً شديداً من الاغترار بفعل مَن يخالف هَدْيَ المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، وذلك أنه لا فيمة لأيِّ فعلٍ إذا كان على خلاف الكتاب والسنة.
وكان كثيراً ما يتعرض في مصنفاته لبعض البدع ومحدَثات الأمور؛ ببيان خطرها، والدعوة لأجل تجنُّبها، والابتعاد عنها.
وقد أكرم الله -تبارك وتعالى- الإمام النووي بأن يكون مجدِّداً لدين الله، وذلك بأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، وإحيائه للسنة، وقمعه للبدعة.
...
(١) "شرح النووي على صحيح مسلم" (١/ ١٠١)، وانظر أيضاً في موقفه من الروافض (١/ ٩٩و ٢١٠).