للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كتب خَدَمَةُ الشَّرْعِ؛ الناصحون للسلطان، المحبُّون له؛ كتاباً بتذكيره النَّظَر في أحوال رعِيَّتِهِ، والرفق بهم، وليس فيه ضررٌ، بل هو نصيحةٌ مَحْضَةٌ، وشفقة تامة، وذكرى لأولي الألباب.

والمسؤول من الأمير -أيده الله تعالى- تقديمه إلى السلطان -أدام الله له الخيرات-، ويتكلم عليه من الإشارة بالرِّفق بالرعية بما [٢٤] يجدُهُ مُدَّخَراً له عند الله: {يَوْمَ تَجدُ كُل نَفسِ مَا عَمِلَت مِن خَير وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَء تَوَدُ لَو أَن بَينَهَا وَبَينَه أَمَدَا بَعِيدا وَيُحَذِرُكم اللهُ نَفْسَه} (١).

وهذا الكتاب الذي أرسله العلماء إلى الأمير أمانةٌ ونصيحةٌ للسلطان -أعز الله أنصاره-[والمسلمين كلِّهم في الدُّنيا والآخرة، فيجب عليكم الصالُهُ للسُّلطانِ -أعزَّ الله أنصاره-،] (٢)، وأنتُم مسؤولون عن هذه الأمانة، ولا عُذْرَ في التأخُّرِ عنها، ولا حُجَّةَ لكم في التقصيرِ فيها عند الله تعالى، وتُسألون عنها {يَومَ لَا يَنفعُ مَال وَلَا بنَوُنَ} (٣)، (يَومَ يَفِر اَلمرِء من أَخيه (٣٤) وَأُمه وَأبيه (٣٥) وَصَاحِبَته وَبَنِيهِ (٣٦) لِكل امرئ مِنْهُمْ يؤمَئذ شَأن يُغْنِيهِ (٣٧)} (٤).

أنتم بحمد الله تحبون الخير، وتحرصون عليه، وتسارِعون إليه، وهذا من أهم الخيرات، وأفضل الطاعات، وقد أُهِّلْتُم له، وساقه الله إليكم، وهو مِن فضلِ الله، ونحن خائِفون أن يزداد الأمر شدَّةَ إن لم يَحْصُلِ النظَرُ في الرِّفقِ بهم.


(١) سورة آل عمران، الآية: ٣٠.
(٢) ما بين المعقوفتين من هامش الأصل.
(٣) سورة الشعراء، الآية: ٨٨.
(٤) سورة عبس، الآيتان: ٣٤ - ٣٧.

<<  <   >  >>