للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قومٌ إذا الشَر أَبْدَى ناجِذَيْه لهم ... طاروا إليه زرافات وَوحْدانا

عَلِم أن "زرافات" بمعنى جماعات.

ولا يخفَى ما في ذلك مِن نظر؛ فإن نفس اللفظ نُقل بطريق، وإنما القرينة في إرادة الشاعر به هنا ذلك.

الثالث: قد عُلم في سبق من تغايُر النقل الصِّرْف والاستقراء بطريق الاستقراء ما قاله الخطيب البغدادي في "شرح الخطب النباتية" من أن اللغوي شأنه أن ينقل ما يظفر به عن العرب ولا يتعداه، والنحوي شأنه أن يتصرف فيما ينقله اللغوي ويقيس عليه، كالمحدِّث شأنه أن ينقل الحديث، والفقيه شأنه أن يتلقاه ويتصرف فيه ويقيس عليه الأشباه.

الرابع: قال الشافعي - رضي الله عنه - في "الرسالة": (لسان العرب أوسع الألسنة، لا يحيط بجميعه إلا نبي، ولكنه لا يذهب منه شيء على عامَّتها. والعِلم به عند العرب كالعلم بالسُّنة عند أهل الفقه، لا نَعلم رجُلًا جمع السُّنن فلم يذهب منها عليه شيء، وتوجد مجموعة عند جميعهم) (١).

ونقل ابن فارس في "فقه العربية" عن بعض الفقهاء أنه لا يحيط بها إلا نبي، قال: (وهو كلام خليق أن يكون صحيحًا. قال: وما بلغنا عن أحد من الماضين أنه ادَّعَى حِفظ اللغة. وما وقع في آخِر "كتاب الخليل" أن هذا آخِر كلام العرب فالخليل أتْقَى لله من أن يقول ذلك) (٢).

قال: (وذهب علماؤنا -أو أكثرهم- إلى أن الذي انتهى إلينا من كلام العرب هو الأقل، ولو جاءنا جميع ما قالوه لجاءنا شِعر كثير وكلام كثير، وأحْرِ بهذا القول أن يكون


(١) الرسالة (ص ٤٢).
(٢) الصاحبي في فقه اللغة (ص ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>