للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولَعَلَّ مَن يقول في تعريفه: (الكلام المنزل على محمَّد - صلى الله عليه وسلم - للإعجاز بِسُورة منه) إنما يقصد مراعاة الاعتبار الأول، وأمَّا مَن يراعي الاعتبار الثاني فيقول: (ما أنزل للإعجاز). ولا حاجة أنْ يقول: (بسورة منه)، أو يقول ذلك ويريد أنَّ "مِنْ" فيه لابتداء الغاية، لا للتبعيض.

فَحَقِّق هذا الموضع كما قررتُه لك؛ فإنه من النفائس، وقد أَطَلْتُ فيه؛ لِمَحَلِّ الحاجة، والله تعالى أعلم.

وقولي: (وَ "السُّنَّةُ" الَّتِي إلَيْهَا قُصِدَا) تمامه قولي بَعْده:

ص:

٢٠٥ - قَوْلُ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى خَيْرِ الْوَرَى ... وَفِعْلُهُ، وِمنْهُ أَنْ يُقَرِّرَا

٢٠٦ - مُكَلَّفًا وَلَوْ يَكُونُ كَافِرًا ... وَلَوْ مُنَافِقًا عَلَى فِعْلٍ يَرَى

٢٠٧ - فَذَاكَ جَائِزٌ لَهُ وَغَيْرِهِ ... مَا لَمْ يَكُنْ دَاعٍ عَلَى تَقْرِيرهِ

الشرح: فلمَّا فرغتُ مِن تعريف أول الأدلة (وهو القرآن) شرعتُ في تعريف الثاني (وهو السنة).

فقولي: (والسُّنة) مبتدأ خبره "قول النبي المصطفى" إلى آخِره، والمراد هنا قول النبي الذي لم يأتِ به قرآنًا على ما سبق. و "الورى": الناس.

وقولي: (التي إليها قُصِدَا) إشارة إلى أنَّ لفظ "السُّنة" وإنْ كان معناه في اللغة "الطريقة" ومنه حديث: "مَن سَنَّ سُنة حسنة فله أجرها وأجر مَن عمل بها" (١) إلى آخِره، وقال الخطابي: إذَا أُطلقت، فهي المحمودة، وإنْ أُرِيدَ غيرُها فمقيدة، كقوله: "ومَن سَن سُنة


(١) صحيح مسلم (رقم: ١٠١٧) بلفظ: (من سَن في الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>