للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَطعًا.

فالجواب: التزامُ الأول، واللام في "القرآن" حينئذ للعهد في جملته، فالبعضُ حينئذ وإنْ كان قرآنًا لكنه لم يُطلق عليه "القرآنُ" باللام العهدية كما قررناه، وكما يشهد لذلك نَصُّ الشافعي - رحمه الله - فيما حكاه عنه الرافعي في أبواب العتق أنه لو قال لعبده: "إنْ قرأتَ القرآن فأنت حرٌّ"، أنه لا يعتق إلا بقراءة الجميع.

فإنَّ ظاهره يقتضي أنه لو قال: (إنْ قرأتَ قرَآنًا) يعتق بالبعض؛ لِمَا قررناه.

وأمَّا قول الإمام الرازي وأتْباعه (كالبيضاوي) في أثناء الاستدلال على إثبات الحقيقة الشرعية: (لو حلف لا يقرأ القرآن، حنث ببعضه) (١)، فمحمولٌ على أنَّ اللام للجنس حتى يَكون بمثابة قرَآنًا بالتنكير.

فإنْ قيل: فالشافعي أطْلَق في المعَرَّف بِـ "ال" ولم يُقيده بِالعَهد جملة ولا بِقَصْد جِنْس.

قلتُ: لأنَّ العرف صار في مِثله يحمل اللام على عَهْد الجملة والكل المشتمل على هذه الأجزاء، ومَبْنَى الأَيْمان على العُرْف.

والحاصل أنَّ النظر إلى لفظ "القرآن" باعتبارين:

- باعتبار جملته وهيئاته وترتيبه، فاللام فيه حينئذ للعهد.

- والثاني: اعتبار حقيقته مِن حيث هي، لا بالنظر إلى [لازم] (٢) كمية وترتيب ونحو ذلك، فاللام فيه حينئذ للجنس. فإنْ قُصِدَ معها استغراق، كان كل حَرفِ وكلمةِ وجملةٍ وآيةٍ وسورةٍ جزئيات، لا أجزاء، بخلاف الاعتبار الأول فإنها فيه أجزاء، لا جزئيات.


(١) المحصول (١/ ٣٠١).
(٢) كذا في (ز)، لكن في (ص): لوازم.

<<  <  ج: ص:  >  >>