للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنهم مَن يَرُدُّ هذا العنى أيضًا إلى السببية.

العاشر: الاستعلاء بمعنى "على"، كقوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} [آل عمران: ٧٥] (١). أي: على قنطار. وحكاه الإمام في "البرهان" عن الشافعي، ويؤيده قوله تعالى: {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ} الآية [يوسف: ٦٤].

الحادى عشر: التبعيض، قاله الأصمعي والفارسي وابن مالك، مستدلين بقوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦]، أي: منها. وخرج عليه قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦]. ومَن أَثبتها قَصَرها على ورودها مع الفعل المتعَدِّي.

وأنكر هذا العنى ابن جني، وأَوَّلوا ما استُدِل به على التضمين، أو أن التبعيض إنما استُفيد من القرائن.

ورَدَّ الإمام فخر الدين قول ابن جني بأن قوله ذلك شهادة نَفْي، فلا تُقْبل.

ولكن هو قَبْل ذلك قال: زَعَم قومٌ أخها للسببية، وهو ضعيف؛ لأنه لم يَقُل به أحد من أهل اللغة.

فيُقال له: هذه شهادة نَفْي أيضًا، فكيف ترتكبها؟ !

نعم، ابن دقيق العيد أجاب عن ذلك فيما كتبه على "فروع ابن الحاجب": ليس هو شهادة نَفْي، إنما هو إخبار مبني على ظن غالب مُستنِد إلى الاستقراء ممن هو أَهْل لذلك مُطَّلِع على لسان العرب، كما في سائر الاستقراءات لا يُقال فيها: شهادة نفي، وحينئذٍ فتتوقف مقابلته على ثبوت ذلك من كلامهم.

فيقال للشيخ: قال ابن مالك فى "شرح الكافية" (٢): إن الفارسي في "التذكرة" أثبت


(١) في جميع النُّسخ: (ومنهم من إن تأمنه بقنطار).
(٢) شرح الكافية الشافية (٢/ ٨٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>