للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

"على" -التي هي حرف جر- لها معانٍ:

أحدها: الاستعلاء إما حسًّا نحو: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: ٢٦] أو معنًى نحو: {وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: ٩١]، و: (عَلَى فلان دَيْن). كأنه بلزومه صار عاليًا على المديون، كما يقال: (ركبهُ الدَّين). ولم يُثبِت لها أكثر البصريين غير هذا المعنى، وردُّوا الكل إليه.

نعم، مثل قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأحزاب: ٣] لا استعلاء فيه، لا حقيقةً ولا مجازًا، وإنما هو بمعنى الإضافة، أي: أضفتُ توكُّلي إلى الله.

الثاني: المصاحبة، نحو: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: ١٧٧].

الثالث: المجاوزة بمعنى "عن"، كقوله:

إذا رضيت على بنو قُشير ... لعمر الله أعجبني رضاها

وخرج عليه المزني وابن خزيمة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صام الدهر، ضيقت عليه جهنم" (١). أي: عنه، فلا يدخلها.

الربع: التعليل، كقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٨٥]. وهو معنى قولي: (وَعِلَّةٍ مُصَاحِبَهْ). أي: مصاحبة لمعلولها، غير متخلفة عنه. وهذا شأنها، فليس المراد به قيدًا مُخْرِجًا.

الخامس: الظرفية، كقوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}


(١) مسند الإمام أحمد (رقم: ١٩٧٢٨)، صحيح ابن حبان (٣٥٨٤) وغيرهما. قال الألباني: صحيح. (التعليقات الحسان: ٣٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>