للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فِعْل العبد ما أُرِيد منه. هذا قَوْل الأشعري والمحققين (١)، وضِدُّه "الخذلان".

و"الفقه في الدِّين" فَهْمه ودرايته؛ لأنه الفَهْم لُغَةً كما سيأتي. وجملة الشرط والجزاء صلةٌ للذي، والإشارة بذلك إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما انفرد بإخراجه الصحيحان مِن حديث معاوية: "مَن يُرِد الله به خيرًا، يُفَقِّهه في الدِّين، وإنما أنا قاسِم، واللهُ يُعطِي، ولن يزال أمرُ هذه الأُمة مستقيمًا حتى تقوم الساعة" (٢). ففي ذلك الثناء العظيمُ على المتفقه في الدِّين، وأنَّ الله تعالى هو المُفَقِّه له بتوفيقه وإرادته، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو خازِنٌ لِمَا أوحاه إليه مِن الشرع وأنواع الخير، وقاسِمٌ ذلك بين الناس على حسب إرادته تعالى، ولهذا في بعض الروايات: "وإنما أنا خازِنٌ" (٣)، [أيْ] (٤): على ما عندي مما بعثني الله تعالى به. والله هو الموَفِّق المقدِّر.

والمراد بِـ "الدِّين" الأعم مِن الإيمان والإسلام والإحسان؛ لحديث: "جاء جبريل يُعَلمكم دِينكم" (٥)، وأشار - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "ولن يزال أمرُ هذه الأُمة مستقيمًا" إلى أنَّ استقامتها إنما هو بالتفقه في الدِّين؛ فإنَّ العِلم سابق على العمل كما ترجم به البخاري: "باب: العِلم قَبْل القول والعمل؛ لقول الله عز وجل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩]، فبدأ بالعِلم". وقد سبقه إلى الاستدلال بذلك سفيان بن عيينة. والضمير في قوله: (وأَصْله) يَعُود للفقه، أو إلى الدِّين. وعلى كل حال فالبراعة حاصلة؛ لأنَّ الدِّين شاملٌ للفروع أيضًا.

و"الهاشمي" نسبته - صلى الله عليه وسلم - لجده هاشم؛ لأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن


(١) سبق الكلام على عقيدة الجبر عند الأشاعرة في مقدمة هذا الكتاب (ص ٣٣).
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٦٨٨٢)، صحيح مسلم (رقم: ١٠٣٧).
(٣) صحيح مسلم (رقم: ١٠٣٧).
(٤) ليس في (ش).
(٥) صحيح البخاري (رقم: ٣٦)، صحيح مسلم (رقم: ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>