للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمرو"، ونحوه.

ثم هي لابتداء الغاية في المكان اتفاقًا، نحو: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: ١]، وفي الزمان عند الكوفيين، نحو: {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: ١٠٨]، {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} [الإسراء: ٧٩]، {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: ٤]. وصححه ابن مالك وغيره؛ لكثرة شواهده، وأما تأويل البصريين ففيه تَعسُّف.

قال ابن أبي الربيع: ومحل الخلاف أن "من" هل تقع موقع "مُذْ"؟ فإنها لابتداء الغاية في الزمان بلا خلاف، فالبصريون يمنعونه، والكوفيون يجوزونه. وما ورد في القرآن لا يحتج به على البصريين؛ لأنه لم يرد "مُذ" قبل ولا "مُذْ" بعد.

الثاني: بيان الجنس، وعلامتها أن يصح وضع "الذي" قبلها، نحو: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: ٣٠]. أي: الذي هو [مِن] (١) الأوثان، فإن الأوثان كلها [رجس] (٢) وإنْ كان الرجس قد يكون من غير الأوثان. ونحوه قوله تعالى: {خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ} [الكهف: ٣١].

وحكى الصيمري -من أصحابنا- عن الشافعي فيما لو قال: (له مِن هذا المال ألف)، وكان المال كله ألفًا، أنه إقرار بجميعه، حملًا على أن "مِن" للتبيين.

الثالث: التبعيض، وعلامتها صحة "بعض" محلها، نحو: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: ٢٥٣].

نعم، فرق بعضهم -كما قال ابن أبي الربيع- بين "أكلت من الرغيف"، و"أكلت بعض


(١) ليست في (ظ، ق، ت).
(٢) كذا في (ت). لكن في سائر النُّسخ: جنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>