للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغير ذلك.

والأصوب أن يقال: إنها للاستفهام، ولكن أريد بالاستفهام بها النفي، كما يقال بذلك في الاستفهام الإنكاري، نحو: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: ١٣٥].

قيل: وتأتي أيضًا بمعنى "قد"، وذلك مع الفعل، كما في {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْر} [الإنسان: ١]. وبالغ الزمخشري حتى قال: إنها أبدًا بمعنى "قد"، وإنَّ الاستفهام إنما هو مستفاد من همزة مقدَّرة معها.

ونقله في "المفصل" عن سيبويه.

وضُعِّف ما قاله الزمخشري بأنه لو كان كما قال، لم تدخل إلا على فعل كَـ "قد". وأما نَص سيبويه فمذكور في "باب أَم المتصلة"، ولكن قد نَص على خلافه في "باب عدة ما يكون عليه الكلم"؛ فَلْيُؤَوَّل نَصُّه.

نعم، معنى "قد" المحمول عليها "هل" في {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [التقريب] (١).

قال في "الكشاف": (إن التقدير في {هَلْ أَتَى}: "أقد أتى؟ " على معنى التقرير والتقريب جميعًا، أي: أتى على الإنسان قبل زمان قريب طائفة من الزمان الطويل الممتد لم يكن [فيه] (٢) شيئًا مذكورًا، بل شيئًا منسيًّا نطفة في الأصلاب، والمراد بالإنسان: الجنس؛ بدليل: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} [الإنسان: ٢]) (٣). انتهى

وفسرها غيره بِـ "قد" خاصة، ولم يحملوا "قد" على التقريب، بل على معنى التحقيق.

وقيل: بل معناها التوقُّع، وكأنه قيل لقوم يتوقعون الخبر عما أتى على الإنسان وهو آدم


(١) كذا في (ص). لكن في سائر النسخ: للتقريب.
(٢) كذا في (ص)، لكن في (ت): فيها.
(٣) الكشاف (٤/ ٦٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>