للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن النظير وإدخال الممسوح بين المغسولين، والعرب لا تفعل ذلك إلا إذا أرادت الترتيب.

نعم، هو وجه لأصحابنا حكاه الماوردي في "باب الوضوء" عن جمهورهم، وكذا الصيدلاني في "شرح المختصر"، قال: وقولنا: إن "الواو" للترتيب هو قول أبي عبيد والفراء وغلام ثعلب.

وفي "الأساليب" لإمام الحرمين أنه صار إليه علماؤنا، وفي "البرهان" له أنه الذي اشتهر عن أصحاب الشافعي (١)، ونصره الشيخ أبو إسحاق في "التبصرة"، وجزم به ابن سريج في "الودائع"، وقال: إنه لا خلاف فيه بين أهل اللغة.

وقال بعض المحققين من شيوخنا: إن الذي يظهر من تَصرُّف الشافعي أن إفادة "الواو" للترتيب ليس لغةً، بل مِن عُرف الشرع، فهو حقيقة شرعية، لا لغوية، ويدل لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - حين خرج من باب الصفا وهو يريد الصفا: "نبدأ بما بدأ الله به" (٢). أي: شرعنا دائمًا أن نبدأ بذلك، فهو عام وارِد على سبب خاص، فكل موضع وقع فيه التردد فإنما يحمل على الشرعي، وحينئذٍ فإطلاق كثير من أصحابنا الترتيب ونقلهم ذلك عن مذهب الشافعي إنما مرادهم ذلك، وبه يجتمع الكلام ويرتفع الخلاف.

وأما النقل عن اتفاق أئمة اللغة ذلك كما سبق ففيه منازعة.

فقد قال ابن الأنباري في مصنفه المفرد في هذه المسألة: إن ما نقل عن ابن درستويه والزاهد وابن جني وابن برهان والربعي من أنها للترتيب فليس بصحيح، وكتبهم تنطق بضد ذلك.

ثم ذكر كلام عَلي الربعي في "شرح كتاب الجرمي"، وهو أنه قال: إن "الواو" للجمع


(١) البرهان في أصول الفقه (١/ ١٣٧).
(٢) صحيح مسلم (١٢١٨)، سنن أبي داود (١٩٠٥)، سنن الترمذي (٢٩٦٧)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>