واحترزوا بالأول عن نحو النائم، وبالثاني عن نحو التهديد، وبالثالث عن نحو المبلِّغ.
ورُدَّ بأنه كلام متهافت؛ لأن المراد بِـ"الأمر" في قوله: (دلالتها على الأمر) إنْ كان اللفظ، فَسدَ؛ لقوله:(وإرادة دلالتها على الأمر)، واللفظ غير مدلول عليه، فكأنه اشترط دلالة الشيء على نفسه.
وإنْ كان المعنى (أي: معنى الصيغة)، فسد؛ لقوله:(الأمر صيغة افعل)؛ لأن "الأمر" -على تقدير إرادة المعنى- يكون غير صيغة "افْعَل".
وقال مَن اعتبر منهم نفس الإرادة: إن الأمر إرادة الفعل.
ورُدَّ بأن السلطان لو أَنكر -مُتوعِّدًا بالإهلاك- ضَرْبَ سَيِّدٍ لِعَبْده، فادَّعَى السيدُ أنه يخالِفه فيما يأمره به، فأَمَره -لتمهيد عُذْره- عند الملِك، فإنَّ ذلك إنما يكون لمخالفته، فهو يأمره ويقصد مخالفته؛ فانْفَكَّ "الأمر" عن الإرادة.
ويمكن أن يجاب بأن الموجود هنا صيغة الأمر، لا نفس الأمر.
وأيضًا فَيَرِد مثل ذلك على الطلب؛ لأن العاقل كما لا يريد هلاك نفسه لا يطلب هلاك نفسه. كذا أورده الآمدي، وقال ابن الحاجب: إنه لازم (١).
وقد يجاب عن الأخير أيضًا بأن الموجود صيغة الطلب، لا الطلب.
سلَّمْنَا، وقولكم:(العاقل لا يطلب هلاك نفسه) إنْ أريد به المقرون بالإرادة فمُسَلَّم ولا نُسَلم أنه موجود هنا، أو العاري عنها فممنوع.
قال ابن الحاجب تبعًا للآمدي: (والأوْلى -أَيْ في الرد عليهم في دعوَى أن الأمر
(١) مختصر منتهى السؤل والأمل (١/ ٦٥١)، الناشر: دار ابن حزم، تحقيق: د. نذير حمادو.