للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولَمَّا كان الفعل شاملًا للكف كما سبق وطلب الكف يقع على وجهين:

أحدهما: أن يكون بصيغ النهي، مثل: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢]، و"لا تأكلوا مال اليتيم"، ونحو ذلك.

الثاني: أن يقع بصيغة الأمر، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كف عليك هذا" (١). يعني: اللسان، وقوله تعالى: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: ٣٧]، {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} [الحجر: ٣].

أخرجتُ (٢) النهي بقولي: (غَيْر كَفْ)، لكن بقيد كونه مدلولًا عليه بغير نحو: "كُف"؛ لأنه إذا كان مدلولًا عليه بنحو "كُف"، كان أمرًا، فهو مخُرج من مخرج من الكف، والمخرج من المخرج عن شيء داخِلٌ في ذلك الشيء، فهو وارد على قول ابن الحاجب: "غير كف"، إذ مقتضاه أن كل ما كان مقتضيًا لكف لا يكون أمرًا، بل نهيًا؛ فَيَرِد عليه ما أُخْرِج من المُخرج.

وأما قوله: (على جهة الاستعلاء) فهو على اختياره في اشتراط الاستعلاء، ولكنه ضعيف كما سيأتي.

وأما عبارة البيضاوي فَيَرِد عليها النهي، فإنه طَلَب فِعل، وهو لم يُخْرِجه بشيء.

نعم، في كلام الإِمام الرازي ما يقتضي التقييد للطلب بكونه مانعًا من النقيض؛ ليخرج بذلك أمر الندب، لكن هذا على رأي ضعيف أن "المندوب" ليس مأمورًا به، والصحيح أنه مأمور به، وقد سبقت المسألة في الكلام على تقسيم الحكم في مقدمة الكتاب.


(١) سنن ابن ماجه (رقم: ٣٩٧٣) بلفظ: (تَكُفُّ عَلَيْكَ هذا). قال الألباني: صحيح. (صحيح ابن ماجه: ٣٢٢٤).
(٢) هذه مع ما قبلها هكذا: (لَمَّا كان الفعل شاملًا ... أخرجتُ النهي بقولي ... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>