للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولهذا لَمَّا فرغ ابن الحاجب من بيان التعريفات المختارة عنده والمزيف، قال: (إن القائلين بالنفسي اختلفوا في كون "الأمر" له صيغة تخصه).

ثم قال: (والخلاف عند المحققين في صيغة "افْعَل") (١).

أي: وأما في دلالة صيغةٍ ما فَبِلَا خِلاف، لكن لا يكون بالوضع. وسنزيد ذلك بيانًا بَعْد.

فإنْ قيل: كيف تدَّعِي أن تعريفك شامل للنفسي واللفظي مع ذِكرك فيه ما يقتضي انطباقه على اللفظي فقط؟ وذلك قولك: (مدلولًا عليه بغير "كُف")، فاقتضَى أن كلامك فيما له صيغة.

قلتُ: المراد بـ"مدلول عليه" أنه لو أُريد الدلالة عليه لَكان بهذا، لا أن المراد أن يكون موجودًا فيه دلالة لفظ "كُف".

قولي: (مَا لَمْ يُفَدْ بِنَحْوِ "كُفَّ" أي: ما لم يُستفَد بنحو "كف"، أي: مِثل: "أَمْسِك" و"دع" كما سبق، ومنه نحو: "لِتكُف" و"لِتمْسِك"، فإن صيغة الأمر الموضوعة له -كما صرح به ابن فارس وغيره- إما فِعل الأمر وإما المضارع المقرون بلام الأمر، نحو: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧]، {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ} [المائدة: ٤٧].

نعم، اختلف النحاة أيهما الأصل؟

فالأكثرون أنه "افْعَل"؛ لإفادته المعنى بلا واسطة، و"لتفعل" إنما تفيده بواسطة اللام.

وقيل: الأصل "لتفعل"؛ لأن الأمر معنى، والأصل في المعاني أن يدل عليها بالحروف.


(١) مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل (١/ ٦٥١)، الناشر: دار ابن حزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>