للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: يمكن ادِّعاء أنه عَيْن قول الجمهور مِن حيث إنه رجع النهي عنه لأمر داخل أو لازم، ولكن كونه داخِلًا أو لازمًا استُفيد مِن غير النهي.

ومنها: ما ذكره المازري في "شرح البرهان" عن شيخه -والظاهر أنه أبو الحسن اللخمي- التفصيل بين ما النهي عنه لِحَقِّ الخلْق فلا يقتضي الفساد، أو لِحَقِّ الله تعالى فيقتضيه. قال: ولهذا لم يُبْطِل الشارع بيع المُصرَّاة، بل أَثبت للمشتري الخيار. قيل: وهو قول غريب.

قلت: هو في الحقيقة راجع إلى ما سبق مِن الفرق بين اللازم والمجاور، فإن مراده بِـ "حَقِّ الخلْق" نحو الصلاة في المغصوب، بخلاف الصلاة بالنجاسة.

على أن ما ذكره من التعبير بذلك ينتقض طردًا وعكسًا؛ فإن البيع بالشرط الفاسد والأجل المجهول فاسد مع أنه لِحَقِّ الآدمي، ونحوه -على مذهبهم- البيع على بيع أخيه، والبيع في وقت النداء لِحَقِّ الله عز وجل وهو صحيح. نعم، هو عندهم فاسد كما سبق.

تنبيهان

الأول: قولي: (وَمُطْلَقُ النَّهْيِ) أي: الذي ليس مقيَّدًا بما يُشعر بالفساد أو بالصحة.

فالأول: نحو: (لا تُصل بغير طهارة)، ونحوه، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُزَوِّج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تنكح نفسها" (١). رواه ابن ماجه والدارقطني بطُرق، فآخِر الحديث يدل على اقتضاء ذلك الفساد.

ومثله: نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الكلب، وقال فيه: "فإنْ جاء وطلب ثمنه، فاملأ كفه ترابًا" (٢).


(١) سبق تخريجه.
(٢) مسند أحمد (٢٦٢٦)، سنن أبي داود (رقم: ٣٤٨٢) وغيرهما. قال الألباني صحيح الإسناد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>