ومن ذلك أيضًا ما سيأتي في العام بمعنى المدح والذم: هل يبقى على عمومه؟
وأشباه ذلك.
والأصح المختار: الدخول، وهو ما يقتضيه كلام أصحابنا في تفاريع الفقه.
ومنه يؤخذ حكاية الخلاف في المسألة، ففي "البسيط" -لما حكى الخلاف في التوكيل بشراء عبد وأطلق فاشترى من يعتق على الموكل- قال: ومثار الخلاف التعلق بالعموم أو الالتفات إلى المقصود.
ومن ذلك: ما يقع في ألفاظ الواقفين مما يكون فيه صورة يظهر أن الواقف لم يقصدها، الصحيح الدخول؛ لدلالة اللفظ، وعدم انضباط القصد وفقده.
نعم، الحنابلة يميلون إلى عدم الدخول، ويبنون عليه أصولاً عظيمة في "باب الوقف"، ومذهبنا خلاف ذلك؛ ولهذا استنبط ابن الرفعة من كلام الغزالي في "الفتاوى" أن مقاصد الواقفين تعتبر، فيُعَمم بها الخصوص ويُخصص بها العموم.
وليس المراد أن المقصود إخراج ما قد دخل، والفرق ظاهر بين عدم قصد الشيء وبين قصد خروجه، فغير المقصود يدخل لفظًا وحُكمًا، والمقصود إخراجه وإنْ دخل لفظًا لكن لا يدخل حُكمًا قطعًا؛ لأنه تخصيص، والتخصيص إخراج من الحكم، لا من المدلول.
نعم، لا يحكم بأنه مقصود إخراجه إلا بدليل، بخلاف غير المقصود فإنه لا يُعلم هل قصد خروجه؟ أو لا؟ والقرينة إنما بعَّدت أن يكون داخلاً، لا أنها صريحة في عدم دخوله.
ومن هذا نشأ الخلاف في أن المتكلم هل يدخل في عموم كلامه؟ وسبق بيانه في الأمر والنهي وأن المرجَّح دخوله في غيرهما، وسيأتي في المسألة مزيد بيان.
فإن قلت: ظاهر كلام الشافعي أن غير المقصود لا يدخل؛ ولهذا منع الزكاة في الحُلِىِّ؛ تمسكًا بآية:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ}؛ لأن قرينة الذم أخرجته عن العموم.