للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا الجهل البسيط فهو انتفاء إدراك الشيء بِالكُلِّيَّة بحيث لا يَخْطُر بالبال أصْلًا. وهو معنى قولي: (انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِالمَقْصُودِ). وهو أحسن مِن التعبير بِـ "انتفاء العِلْم بالشيء"؛ لأنَّ الشيء لا يُطْلَق على المعدوم، ولَفْظ "المقصود" شامل للموجود والمعدوم.

نَعَم، شَرْط هذا النوع أنْ يَكون انتفاؤه عن القابِل للعِلْم، أَيْ الذي مِن شأنه الإدراك؛ فيخرج نَفْيه عن نحو "الجَلْمُود" بفتح الجيم والضم كما قاله الجوهري، أَيْ: الصَّخْر، ومِثْله الحيوان غَيْر العاقل، فلا يُوصَف شيء مِن ذلك بالجهل؛ لِعَدَم القابِلية. كذا ذَكَره الآمدي في "أبكار الأفكار". وقد عُلِمَ مِن "تَقْرِير أنهما نَوْعان للجهل" أنَّ ما في "جَمْع الجوامع" مِن حكاية العبارتين قولين - ليس بِجَيِّد، وإنما تبع في ذلك ابن مكي في قصيدته.

وما أحسن قول الإمام الرافعي في باب الربا مِن "شرح الوجيز" في الكلام على قاعدة مُدّ عجوة: (إنَّ الجهل معناه المشهور: الجَزْمُ بِكَوْن الشيء على خِلَاف ما هو عليه) (١).

قال: (ويُطْلَق ويُراد به عَدَمُ العِلم) (٢). انتهى.

فأشار إلى أنهما نوعان وإنْ كان إطلاق الجهل في أحدهما أَشْهَر. نَعَم، تعبيره بِـ "الشيء" فيه ما سَبَق.

وقَوْلي: (أمَّا البَسِيطُ نَقْلَا) يجوز أنْ يَكون نَصْبُ "نَقْلَا" فيه على الحال (أَيْ: حال كَوْنه مَنْقُولًا عن العلماء)، وأنْ يَكون تمييزًا (أَيْ: معنى البسيط مِن حيث النقل عنهم)، والله أعلم.


(١) فتح العزيز شرح الوجيز (٤/ ٨٧)، ط: دار الكتب العلمية.
(٢) فتح العزيز شرح الوجيز (٤/ ٨٧)، ط: دار الكتب العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>