٤٣] وفي قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}[البقرة: ٢٧٥]، مع قولين آخرين، وفي غير ذلك أيضًا.
وعلى قول الإجمال فلا يُستدل بها على مختلَف فيه إلَّا بدليل على شمول الآية له.
ونُقل عن الكرخي من الحنفية أن مقتضى الآية إنما هو أخذ صدقة واحدة من نوع واحد.
ورجحه ابن الحاجب حيث قال خلافا للأكثر:(لنا: أنَّه بصدقة واحدة يَصْدُق أنَّه أخذ منها صدقة، فيلزم الامتثال. وأيضًا فإن كل دينار مال، ولا يجب ذلك بإجماع)(١). انتهى
وقد أُجيب:
- عن الأول بمنع صِدق ذلك؛ لأن "أموالهم" جمع مضاف، فكان عامًّا في كل نوع نوع وفرد فرد، إلَّا ما خرج بالسُّنة كما أشار إليه الشَّافعي.
- وعن الثاني بأن المراد: عن كل نصاب نصاب كما بيَّنته السُّنة.
ومما ذكر احتجاجًا للكرخي: أنَّ "مِن" في الآية للتبعيض ولو كانت الآية عامة، والتبعيض يَصْدُق ببعض المجموع ولو مِن نوع واحد.
وجوابه أن التبعيض في العام إنما يكون باعتبار تبعيض كل جزئي جزئي منه، فلا بُدَّ أن يكون مأخوذًا مِن كل نصاب؛ إذ لو أسقطت "مِن" لكان المال يؤخذ كله صَدَقة.
نعم، أجاب القرافي عن شُبهة الكرخي بأن "مِن" لا بُدَّ مِن تَعلُّقها بمحذوف، والأصل:"خذ صدقة كائنة من أموالهم"، فلمَّا قدم الجار والمجرور، كان في محل نَصب على الحال مِن المفعول، فلو أريد الخصوص، كانت الصدقة كائنة من بعض أموالهم، لا مِن كلها،