قال السبكي في "شرح البيضاوي" بعد حكاية مذهب القفال: (وما أظن القائل بهذا الرأي يقول به في كلِّ تخصيص، ولا يخالف في صحة استثناء الأكثر إلى الواحد، بل الظاهر أن قوله مقصور على ما عدا الاستثناء من المخصصات؛ بدليل احتجاج بعض أصحابنا عليه بقول القائل: عليَّ عشرة إلا تسعة. ويحتمل أن يعم الخلاف، إلا أن الظاهر خِلافه؛ لأن المنقول عنه المخالفة هنا لم تُنقل عنه ثَمَّ)(١). انتهى
قلتُ: على أن هذا التفصيل وإنْ كان هو الراجح المفهوم من كلام جمهور أصحابنا لكنه مُفرَّع على أن الجمع العام آحاده جموع، لا وحدان. فأما إذا قُلنا: الآحاد وحدان، فهو حينئذٍ كَـ "مَن" و "ما" ونحوهما بلا فرق.
نعم، سبق اضطراب الترجيح في تلك المسألة، فاعْلَمه.
المذهب الثاني: أنه يجوز التخصيص إلى أن يبقى واحد مطلقًا، سواء أكانت الصيغة جمعًا أَم لا. وهو قول الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.
وحكاه إمام الحرمين في "التلخيص" عن معظم أصحاب الشافعي، قال: وهو الذي اختاره. ونقله أيضًا عن معظمهم ابن الصباغ، ونقله ابن السمعاني عن سائر أصحابنا خلا القفال، وحكاه الشيخ أبو إسحاق عن إجماع أئمتنا، وصححه القاضي أبو الطيب، ونسبه القاضي عبد الوهاب للجمهور.
مِثاله قوله تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}[آل عمران: ١٧٣] والقائل لذلك هو نعيم بن مسعود الأشجعي كما ذكره الآمدي وابن الحاجب وغيرهما تبعًا لكثير من المفسرين، لكن الذي ذكره الشافعي في "الرسالة" أنهم