والثاني: أنه يحتج به فيما بقي بمجرده، فلو كان مجازًا، لم يحتج به إلا بقرينة.
احتُج لهذا المذهب بأنه حقيقة في الاستغراق، فلو كان حقيقة في الباقي بعد التخصيص، للزم الاشتراك، والمجاز خير منه.
وجوابه: أن الكُلي دلالته على كل جزئياته وبعضها سواء، إذ لا يُقال: دلالة إنسان على كل أفراده حقيقة وعَلَى زيد مجاز.
الثالث: أن له جهتين:
إحداهما: مِن حيث تناول اللفظ له بعد التخصيص كما كان قبله، فهو حقيقة.
والثانية: من حيث الاقتصار عليه دون ما خرج بالتخصيص، فهو مجاز.
كأنه جَمعْ بين القولين السابقين، وتحقيق المناط فيهما. وهو اختيار إمام الحرمين كما نص عليه في "البرهان".
وقال ابن القشيري والمقترح في تعليقه على "البرهان": (إنه معنى كلام القاضي).
وفيما قالاه نظر؛ فإنَّ القاضي أورده سؤالًا على نفسه، ثم أجاب عنه بأن هذا التفصيل ساقط، وذكر ما حاصله أن اللفظ إنما يكون حقيقة إذا كان الباقي منضمًّا مع الذي خرج، فبَعْد خروجه لا يبقى حقيقة، بل يجب أن يكون مجازًا، لاسيما إذا كان العام صيغة جمع وبقي بعد التخصيص واحد، فإنه مجاز وفاقًا.
وحاول ابن القشيري التوفيق بين كلام القاضي والإمام وأن كُلًّا منهما حق من وجه بما يَؤُول الأمر به إلى ما قاله إمام الحرمين من أنه حقيقة ومجاز باعتبارين.
ومنهم مَن حمل القول بكونه مجازًا على أنه أراد من حيث اللغة، والقول بكونه حقيقة من حيث الشرع، فلم يتواردَا على محل واحد.