للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الآمدي: (لا أعرف في التخصيص بالإجماع -بالمعنى المذكور- خلافًا) (١).

وجرى عليه ابن الحاجب وغيره.

وممن حكى الإجماع في ذلك أيضا الأستاذ أبو منصور البغدادي من أصحابنا.

نعم، قال ابن القشيري: إن الخلاف يطرقه مما سبق في التخصيص بالعقل: هل المراد أن العقل دَلَّ على أنه لم يدخل؟ أو على أنه خرج مِن اللفظ بعد دخوله؟ فيقال في الإجماع مثل ذلك.

لكن قد سبق أن الخلاف لفظي.

وجعل الصيرفي من أمثلة التخصيص بالإجماع قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] خُصَّ بالإجماع على عدم وجوب الجمعة على العبد والمرأة.

ومَثَّله ابن حزم بأنَّ قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: ٢٩] مخصوص بإجماعهم على أنه لو بذل فِلسًا أو فِلسين، لم يحقن بذلك دماؤهم.

وفيه نظر؛ لأنَّ الألف واللام في الجزية إن كانت للعموم، فالتخصيص بحديث معاذ: "خذ من كل حالم دينارًا" (٢)؛ إذ مفهومه أنه لا يؤخذ أقَل. وإن كانت للعهد، فالمراد ما تَقرر في شرعه مِن دينارٍ لكل واحد.

أما مِثال تخصيص السُنَّة العامة بالإجماع فلم أرهُم تعرَّضوا له، كأنه استغناء بمثال تخصيص القرآن به. والله تعالى أعلم.


(١) الإحكام للآمدي (٢/ ٣٥٢).
(٢) سنن أبي داود (رقم: ١٥٧٦)، سنن الترمذي (٦٢٣)، سنن النسائي (رقم: ٢٤٥٠)، وغيرها. قال الألباني: صحيح. (صحيح أبي داود: ١٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>