للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"الحاوي الصغير".

ومما يمثَّل بذلك له أيضًا تخصيص عموم السُّنة بخصوص القرآن، وإنْ ذكرنا فيما سبق له أمثلة لكنها بمنطوق، وهذا بمفهوم، فَاعْلَمه.

وقولي: (وَبِدَلِيلِهِ) أي: ومن المخصصات أيضًا التخصيص بدليل الخطاب، فالضمير عائد للخطاب، والمراد به "مفهوم المخالفة".

ومثاله -كما ذكره بعض أصحابنا وإليه أشرتُ بقولي: (لِلْأَصْحَابِ) أي: [مِن جهتهم] (١)، لا أن الكل مثَّلوا به- قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بلغ الماء قلتين، لم يحمل الخبث" (٢). رواه الأربعة، وصححه ابن حبان والحاكم والبيهقي وغيرهم.

خَصَّ بمفهومه -وهو ما لم تبلغ قلتين- عمومَ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه". رواه ابن ماجه والبيهقي من حديث أبي أمامة على ضَعف فيه، فإنه أَعَم مِن القلتين ودُونهما؛ فتصير القُلتان في الحديث الأول تنجُّسهما مخصوص بالتغيير، أي: تغييرهما بالنجاسة، ويبقى ما دُونهما ينجس بمجرد الملاقاة في غير المواضع المستثناة بدليل آخَر.

وهو معنى قولي: (في الْقُلَّتَيْنِ)، أي: في قَدْر القُلتين المذكور ذلك في الحديث السابق خُصَّ تنجيسه بالتغيير، بخلاف ما دُونهما فإنه ينجس بمجرد الوقوع، تَغيَّر أوْ لا.

إلا أن في قولي: (وَلِلْأَصْحَابِ تَمْثِيلُهُ) [إيماء] (٣) إلى عدم اختياري للتمثيل بذلك؛ لأن كلًّا مِن الحديثين عام مِن وجه وخاص من وجه.


(١) في (ت، س، ض): وجههم.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) كذا في (س، ت)، لكن في سائر النُّسخ: الماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>