للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال بعد ذلك: (ومن المخصص أن يأتي بدليل الخطاب، وهو ما كان له وصفان، فتعليق الحكم بأحد وَصْفَيْه يدل على أن ما عدَاه بخلافه. فهذا يُخَصُّ به العموم قولًا واحدًا). انتهى

والجمع بينه وبين ما ذكره أولًا أنَّ ذلك في موضع يتردد بين أن يكون تخصيصًا أو ذِى بعض أفراد العموم. أما إذا لم يحتمل إلا التخصيص، فيُقضَى به قطعًا.

وذكر الصيرفي في "الدلائل" نحو هذا، فقال: (العام إنْ لم يمكن استعماله في جميع أفراده، تَوَقَّف على البيان، كقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]، فإذا ذكر بعض الأفراد، عُلِمَ أنه المراد بالزكاة المذكورة، كقوله: "ليس فيما دون خمسة أواقٍ صدقة" (١). وإنِ احتمل أن يكون المذكور إنما هو بعض الجنس، فالحكم للعموم، كقوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ} فهذا عام، ثم قال تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} الآية، فلمَّا احتمل الأول أن يكون خاصًّا بمن لم تمُس وأن يكون ذكر بعض الجنس الذي أريد بالمتعة ولم يَنْفِ - مع الجمع بينهما - أحدُهما صاحبَه، اقتضَى الحكم بذاك لكل مطلقة). انتهى

فإنْ قيل: يَلزم على أنه مِن باب ذِكر فَرد مِن العموم أنْ لا يكون في الآية دليل على أنَّ مَن فُرض لها لا متعة لها، بل لها المتعة كما قدرته فيمن مُست أن لها المتعة.

قلتُ: هو قول [للشافعي] (٢) أثبتَه ابن سُريج وغيره من الخراسانيين: أنَّ لها المتعة؛ عملًا بعموم المطلقات.

وعلى المرجَّح المشهور أنها لا متعة لها يكون العام قد خُصّص بمعنى مُستنبط من النص، وهو أنها لَمَّا طُلِّقَت قبل الدخول، حصل لها ابتذال، فلما أخذت في مقابِله شطر


(١) صحيح البخاري (رقم: ١٣٤٠)، صحيح مسلم (رقم: ٩٧٩).
(٢) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): الشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>