"وله مال". فإن الرّواية الأُولى تقتضي أنَّ بعض العبيد لا يكون له مال، فتكون الإضافة فيه للتمليك. والمال فيه محمول على ما يُملِّكه السيد إياه، وليس كل عبد يملّكه السيد مالاً. والثانية تشمل كل عبد، فكانت الإضافة فيها إضافة تخصيص، لا تمليك، فيحمل على ثيابه التي عليه؛ فإنَّه لابُدَّ غالبًا لكل عبد مِن ثياب.
قال: فهذه الرِّواية مُطلقة تنزل على ما ذكرناه، فلا حاجة إلى تقييدها بحالة تمليك السيد المال؛ لأنَّ الجمع ممكن.
ومنها: أن لا يكون المقيد ذُكِر معه قَدْر زائد يكون ذلك القيد لأجله، كـ. "إنْ قتلت، فأعتق رقبة"، وفي موضع:"إن قتلت مؤمنًا، فأعتق رقبة مؤمنة"، فلا يحمل المطلق هنا على المقيد؛ لأنَّ التقييد إنما جاء للقدْر الزائد؛ فيقتصر عليه.
ولذلك لَمَّا قال تعالى:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}[البقرة: ٢١٧] وفي الآية الأخرى {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}[المائدة: ٥] فقال أصحابنا: يحمل مطلق الآية الثَّانية على تقييد الأُولى بأن يموت وهو كافر. خلافًا لأبي حنيفة حيث قال بإحباط العمل بالرّدة وإنْ لم يتصل بالموت.
فبحث فيه بعض المحقّقين بأن في المقيد زيادة يَرْجِع القيدُ لها ليست في المطلق، فكيف يحمل على المقيد؟ والزيادة هي الخلود في النَّار، وَمن لم تتصل رِدَّته بالموت بل أَسْلَم قَبْله، لا يخلد في النَّار.
وأيضاً فالآيتان عام وخاص، لا مطلق ومقيد.
على أنَّ الآية المطْلَقة التي تَعلَّق بها الحنفية فيها: {وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)} [آل عمران: ٨٥]، وذلك لا يكون فيمن عاد للإسلام؛ ولأجْل ذلك نَصَّ الشَّافعي في "الأم" على أن الرِّدَّة بمجردها تُحبط العمل وإنْ لم تتصل بالموت -على معنى: ذهاب الأَجْر.