للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن تَساويَا، فيُعمل بالمطلَق، ويُلغَى القيدان. كالبَيِّنتيْن إذا تعارضتَا، فإن الأرجَح فيهما لتساقط وكأن لا بَيِّنَة هناك.

وهو معنى قولي: (فَالْغِ كِلَيْهِمَا، وَدِنْ)، فحذفت الهمزة من "ألغ"؛ لضرورة النظم. ومعنى قولي: "دِنْ" أي: اعمل بالمطلق دِينًا وشرعًا.

ولك أن تدخل مسألة المختلفين في قول النَّظم أنَّه يتقيد بالأَوْلى من المقيدين، وإنْ تساويَا، عُمِل بالمطلق.

ويُمثَّل بقوله تعالى في قضاء رمضان: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤]، وفي كفارة اليمين: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: ١٩٦]، فإنَّه متردد - كما سبق- بين صوم الظهار والقتل وبين صوم التمتع.

نعم، ما ذكر في مسألة اتحاد السبب إذا لم يكن أَوْلى بأحد القيدين مِن طرحهما والعمل بالمطلق هو ما أجاب به القرافي قول بعض الحنفية له: إنَّ الشَّافعية خالفوا قاعدتهم في حمل المطلق على المقيد في حديث الولوغ، فإنَّه قد جاء: "إحداهن بالتُّراب" (١) وهو مطلق، وجاء في رواية: "أُولاهن" (٢) وفي رواية: "أُخراهن" (٣)، وهُما قيدان متنافيان، فلم يحملوا، وجَوَّزوا


(١) مسند إسحاق بن راهويه (٣٩)، سنن النَّسائيّ الكبرى (رقم: ٦٩)، مسند البزار (١٥/ ٣٣٢، رقم: ٨٨٨٧). انظر كلام الحافظ ابن الملقن على طُرق هذه الرِّواية في (البدر المنير، ١/ ٥٤٨)، وانظر أيضاً كلام الحافظ ابن حجر في (التلخيص الحبير، ١/ ٤٠).
(٢) صحيح مسلم (رقم: ٢٧٩)، وغيره.
(٣) مسند البزار (١٧/ ٢٦٢، رقم: ٩٩٥٠) بلفظ: (آخِره بالتُّراب)، وفي سنن التِّرمذيُّ (٩١) وغيره بلفظ: (يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات أولاهن أو أخراهن بالتُّراب). قال الألباني: صحيح. (صحيح التِّرمذيُّ: ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>