ونظيره أيضًا في العلوم العقلية: أن التصديق بالنسبة إلى ما يتوقف الحكم عليه من التصورات هل هي شطر له؟ أو شرط؟ وقد سبق بيانه أول المقدمة.
ويدل لجعله مطلقًا على المجموع أن الحمل إنما المراد به كشف ذلك وإظهاره؛ لأنه يتبين عند القائس أن الواقع في نفس الأمر هو كونه محمولًا عليه، فيكون الحمل في الحقيقة هو اعتقاد كَوْن ذلك.
كذلك قولي:([كَـ: يَحْرُمُ] (١) النَّبِيذُ) أي: مثال القياس أن يقول القائل: يحرم النبيذ مثل ما يحرم الخمر بجامع ما بينهما من المعنى المقتضِى للتحريم وهو السُّكْر.
فـ"مِثْل" منصوب على الحال، أي: حال كونه مِثله. فالتحريم هو الحكم، والنبيذ هو الفرع، والخمر هو الأصل، والمعنى الجامع هو اتصاف كل منهما بالسكر، أي: بالإسكار. أي: شأنه أنْ يسكر. هذا على المرجَّح في تفسير "الأصل" و"الفرع" كما سيأتي بيانه.
فإنْ قلت: معنا تحريمان، أحدهما حكم الأصل والثاني حكم الفرع، فلِمَ لا عُدَّت الأركان خمسة؟
قلت: مَن يُطلق أن مِن أركان القياس الخكم لا يَرِد عليه ذلك؛ لأنَّ الحكم الذي في "الأصل" هو الذي في "الفرع"، فهو واحد في ذاته وإنِ اختلف محله، فهذه الحيثية هي المرادة وإنْ كانا اثنين باعتبار المحل.
وأما مَن يقول: إنَّ من أركان القياس حُكم الأصل -وهو الغالب- فيحتمل أن يريد ما ذكر مِن الاتحاد، ولكنه أُضِيف للأصل؛ لأنه الأول في الاعتقاد ثم يصير معتقدًا في الفرع.
أو يجاب -كما قال الآمدي- بأنَ حُكم الفرع ثمرةُ القياس، فلو كان من أركانه لَتَوَقَّف القياس عليه، وهو دَوْر.
(١) في (ت، س): كتحريم. وفي (ش): كمحرم. ولا يصح معهما الوزن.