أحدهما وهو الأرجَح: أنه المَحل المشبه، وهو معنى قولي:(مَا التَّشْبِيهُ قَدْ أُحِلَّهْ)، وهو بضم الهمزة على البناء للمفعول، أي: جُعل حالًّا فيه، وذلك كالنبيذ في المثال السابق.
والثاني: أنه الحكم القائم بالمحل المشبه.
وهذان القولان مُرتَّبان على القولين في تعريف الأصل. فمَن قال:"المحل" هناك، قال هنا:"المحل". ومَن قال هناك:"الحكم"، قال هنا:"الحكم".
وأما من قال هناك:(إنَّ الأصل هو الدليل) فلا يمكن أن يقول هنا: (دليل الفرع)؛ لأن دليله إنما هو القياس؛ ولذلك لم يُجعل حُكم الفرع من أركان القياس؛ لكونه ثمرته وناشئًا عنه كما سبق بيانه آنفًا.
وأما شرط الفرع:
فهو أن يشتمل على عِلة حُكم الأصل بتمامها حتى لو كانت ذات أجزاء، فلا بُدَّ مِن اجتماع الكل في الفرع.
ثم إنْ كان وجودها بتمامها فيه قطعيًّا كقياس الضرب للوالدين على قول:"أُف" بجامع أنه إيذاء، وكالنبيذ يُقاس بالخمر بجامع الإسكار، فَيُسَمَّى الأول:"قياس الأَوْلَى" والثاني: "قياس المساواة"، وكُل منهما قَطْعِي.
وإنْ كان وجود العلة بتمامها في الفرع ظنيًّا، فالقياس ظني، ويسمى "قياس الأَدون"، كقياس التفاح على البُر في أنه لا يباع إلا يدًا بِيَد [و](١) نحو ذلك؛ بجامِع الطعم، لا أنَّ المراد بِـ"الأَدون" أن يكون المعنى الذي في الفرع ناقصًا عن المعنى الذي في الأصل، فإنَّ القياس