للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد سبقت مسألة أن الدال على الحكم النص أو العلة، وسيأتي لنا عودة إليه قريبًا.

الثاني: أن العلة مؤثرة في الحكم، وهو قول المعتزلة، بناءً على قاعدتهم في التحسين والتقبيح العقليين. ثم قال بعضهم: إنها أثَّرت بذاتها. وقال بعضهم: بصفة ذاتية فيها. وقيل غير ذلك، وقال بعضهم: بوجوه واعتبارات.

وقد أشرنا إلى ذلك في المقدمة في الكلام على "السبب" من خِطاب الوضع.

وليس عند أهل السُّنة شيء من العالم مؤثِّرًا في شيء، بل كل موجود فيه فهو بخلق الله تعالى وبإرادته.

الثالث: أنها مؤثِّرة لكن لا بذاتها ولا بصفة ذاتية فيها ولا غير ذلك بل بِجَعْل الشارع إياها مؤثِّرة. وهو قول الغزالي، وكذا قال سليم الرازي.

قال الهندي: (وهو قريب لا بأس به).

وردَّه الإِمام الرازي بأن الحكم قديم، فلا يُتصور أن يؤثِّر فيه شيء.

وأيضًا: فإذا وُجِد المعلول فإما أن يكون مُوجِدُه الله تعالى أو تلك العلة أو هُما.

والأخيران باطلان، لما يَلزم منه أنَّ غَيْر الله خالقٌ، أو أن له شريكًا في خَلْقه، وذلك مُحَال؛ فَتَعَيَّن الأول.

ومنهم مَن بَنَى ذلك على أنه هل يعقل تأثير مِن غير أن يكون المؤثِّر مؤثِّرًا بذاته أو بصفة قائمة به أو نحو ذلك؟ أو لا يعقل؟

وبنوا [على ذلك] (١) مسألة خَلْق الأفعال. فأهل السنَّة يثبتون تعقله فيبطلون تأثير العبد في أفعاله، وإنما هي بِخَلْق الله تعالى وإيجاده.


(١) في (ص): ذلك على.

<<  <  ج: ص:  >  >>