إذا نُهي عن فِعل (ذلك الفعل يكون مانعًا من فِعل واجب)، كان إيماءً إلى أنَّ عِلة النهي عنه كونه مانعًا من الإتيان بالواجب. فكل ما منع من الإتيان بالواجب يكون كذلك، كقوله تعالى:{وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة: ٩]، فإنه نهى في المعنى عن إيجاد البيع وقت النداء؛ لأنه يمنع مِن السعي المأمور به في قوله تعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩]. فلو لم يكن علة لَمَا كان لِذِكره فائدة.
وقال القرافي: إنما استُفيد ذلك من السياق، فإنَّ الآية لم تنزل لبيان أحكام البياعات، بل لتعظيم شأن الجمعة.
وهذه الأقسام الخمسة كلها داخلة تحت قولي في النَّظم:(أَنْ يُقْرَنَ الْوَصْفُ بِحُكْمٍ) إلى آخِره.
ومدارها كلها على تجنب الحشو وعدم الفائدة في كلام الشارع. وهو معنى قولي أولًا: ("الْإيمَاءُ" في التَّجَنُّبِ).
وقولي:(وَلَوْ مُسْتَنْبَطًا) إشارة إلى أن الحكم المقرون به الوصف لا يُشترط في واحد منهما أن يكون مذكورًا، بل قد يكون واحد منهما مستنبطًا.
مثال كون الوصف مذكورًا والحكم مستنبطًا قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}[البقرة: ٢٧٥]. فإن الوصف الذي هو حِل البيع مُصرَّح به، والحكم وهو الصحة مستنبط من الحِل؛ فإنه يَلزم مِن حِله صحتُه.
وأما عكسه وهو كون الحكم مذكورًا والوصف مستنبطًا فهو الذي في أكثر العِلل المستنبطة.