لم أتعرض في الإيماء في النَّظم لاعتبار المناسبة في الوصف؛ لأنه لا يعتبر إلا في القسم الرابع فقط.
وقد حكى ابن الحاجب وغيره في ذلك ثلاثة مذاهب:
أحدها: اشتراط المناسبة في الوصف في كل قسم من أقسام الإيماء، وهو ما اختاره الغزالي؛ لأن تصرف العقلاء المستند للتعليل لا بُدَّ في علته من حِكمة؛ لقبح "أكرِم الجاهل وأَهِن العالم".
وثانيها: لا يشترط مطلقًا، أي: في غير القسم الرابع؛ لأنَّ العلة بمعنى المعرِّف. وهذا هو المعْزي للأكثرين؛ فلذلك لم أُقيِّد المسألة في النَّظم بالوصف المناسب.
والثالث واختاره ابن الحاجب: إن كان التعليل فُهِم مِن المناسبة مثل: "لا يقضي القاضي وهو غضبان"، اشتُرطت، وإلا فلا. وغايته ما ذكرته من اعتبار المناسبة في القسم الرابع دُون بقية الأقسام.
فإنْ قلت: فمِن أين يخرج القسم الرابع الذي في المناسبة مِن الذي ذكرته في النَّظم.
قلت: لأنه لَّمَا كان راجعًا إلى استنباط كونه علة بما فيه من المناسبة، كان داخلًا فيما سيأتي مِن طُرق العلة وهو "المناسبة". وإنما ذكرته مِن أقسام الإيماء هنا تبعًا لابن الحاجب وغيره في ذِكرهم له من الإيماء مِن حيث اشتماله على معنى مُومَأ إليه، وقد تقدم إيضاحه. والله أعلم.