فهو أن يتصدى المعترِض لإقامة الدليل على فساد مقدمة من مقدمات الدليل.
وهو غير مسموع عند النُظَّار؛ لاستلزامه الخبط في البحث.
نعم، يتوجه ذلك مِن المعترِض بعد إقامة المستدِل الدليل على تلك المقدمة.
وأما الثاني وهو المنع بعد تمامه:
فإما أنْ يكون مع مَنعْ الدليل بناء على تخلُّف حُكمه، فيُسمى "النقض الإجمالي"؛ لأنَّ "النقض التفصيلي" هو تخلُّف الحكم عن الدليل للقدح في مقدمة مُعيَّنة من مقدماته، بخلاف الإجمالي، فإنه تخلُّف الحكم عن الدليل بالقدح في مقدمة من مقدماته لا عَلى التعيين.
وإما أن يكون مع تسليم الدليل والاستدلال بما ينافي ثبوت المدلول، فهو "المعارضة"، فهي تسليم للدليل؛ فلا يُسْمع منه بَعْدها مَنْعٌ فضلًا عن سؤال الاستفسار.
فيقول المعترِض: (ما ذكرتَ مِن الدليل وإنْ دلَّ على ما تَدَّعِيه فعندي ما ينفيه أو يدل على نقيضه). ويُثبته بطريقة، فهو ينقلب مُستدِلًّا؛ فلهذا لم يَقبله بعضهم؛ لِمَا فيه مِن انقلاب دست المناظرة، إذ يَصِير المستدِل مُعترِضًا والمعترض مستدِلًّا.
لكن الصحيح القبول؛ لأنَّ ذلك بناءٌ بالعَرَض هدمٌ بالذات، فالمستدِل مُدَّعٍ بالذات مُعترِضٌ بالعَرَض، والمعترِضُ بالعكس، فصارا كالمتخالفين.
مثاله: المسح ركن في الوضوء؛ فيُسن تثليثه، كالوجه.
فيعارضه بأنه مسحٌ؛ فلا يُسَن تثليثه، كالمسح على الخفين.
نعم، على المعَلِّل دَفْع الاعتراض عنه بدليل، ولا يكفيه المنع المُجَرَّد. فإنْ ذكر دليله ومنع ثانيًا فكما سبق، وهكذا حتى ينتهي الأمر إما إلى الإفحام أو الإلزام.
فَـ "الإفحام" عندهم: انقطاع المستدِل بالمنع أو بالمعارَضة.
و"الإلزام": انتهاء دليل المستدِل إلى مقدمات ضرورية أو يقينية مشهورة يَلزم المعترِض