للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قطعة مِن النار، فليأخذها أو فليتركها" (١).

وحديث أبي سعيد في الصحيحين في الذُّهَيْبَة التي بعث بها عَلِي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقسمها بين أربعة نفر، وفيه: "إني لم أؤمر أنْ أُنقِّب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" (٢). وقول عمر فيما رواه البخاري: "إنَّ الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا" (٣).

وغير ذلك، وهو كثير، مما يدل على أن العمل بالظن واجب.

تنبيه: ينشأ مما قررناه في "الاستقراء" أن القياسات المنطقية تدور على ذلك، فإنَّا إذا قُلنا: (العالم متغير، وكُل متغير حادث)، فكَوْن العالم متغيرًا إنما عُلم بالاستقراء التام؛ فلذلك أفاد القطع واليقين.

وإذا قُلنا: (الوضوء وسيلة للعبادة، وكُل ما هو وسيلة للعبادة عبادة)، إنما أثبتنا المقدمة الثانية بالاستقراء، وهو ظني؛ لأنه من أكثر الجزئيات.

وربما يندرج فيه أيضًا ما ذكره ابن الحاجب وغيره في الاستدلال من "قياس التلازم"، وهو تَلازُم بين "ثبوتين" أو "نفيين" أو "ثبوت ونفي" أو "نفي وثبوت"، كما نقول في المسلِم يجد الميتة: (إنْ كان مضطرًا أكل، إنْ لم يكن مضطرًا لم يأكل، إنْ كان مضطرًا لم يَحْرُم، إنْ لم يكن مضطرًا حرم).

ثم المتلازمان إنْ كانا طَرْدَا وعَكْسًا كالجسم والتأليف، يجري فيهما الأولان وهو التلازم بين ثبوتين وبين نفيين طردًا وعكسًا، بمعنى أنَّ وجود كل منهما يَستلزم وجود الآخَر، ونَفْيَه يستلزم نَفْي الآخَر، فكُل ما كان جسمًا كان مؤلَّفًا، وكُل ما كان مؤلَّفًا كان جسمًا، وكُل ما لم


(١) صحيح البخاري (رقم: ٦٧٦٢)، صحيح مسلم (١٧١٣).
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٤٠٩٤)، صحيح مسلم (رقم: ١٠٦٤).
(٣) صحيح البخاري (رقم: ٢٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>