وذهب الأقَلُّون - منهم المزني وأبو ثور والصيرفي وابن سريج وابن خيران - إلى أنه حُجة، وهو مذهب داود، واختاره ابن الحاجب تبعًا للآمدي.
قال أصحابنا: والقول به في موضع الخلاف يؤدي إلى التكافؤ؛ لأنه ما مِن أحد يستصحب حال الإجماع في موضع الخلاف إلا ولخصْمِه أنْ يستصحب حالة الإجماع في مقابِلِه.
مثاله: لو قال في مسألة التيمم: (إذا رأى الماء في أثناء صلاته، لا تبطل؛ لأنَّا أجمعنا على صحة صلاته؛ فلا يبطل الإجماع إلا بدليل). فيقول الآخَر:(أجمعنا على اشتغال ذمته بفرض الصلاة؛ ولا يسقط إلا بدليل).
ووَجْه خروج المسألة مِن قولي:(في أَصْلِ الْعَدَمْ) أن الحالة التي كان المُجْمَع عليه متصفًا بها وقت الإجماع ليست موجودة، فلم يستمر أصل العدم، بل حدث ما أَوْجَب المخالفة.
الثاني:
إطلاق الاحتجاج بالاستصحاب شامل لِمَا عارضه ظاهر أو لا، وهو أصح قَوْلَي الشافعي فيما تَعارَض فيه الأصل والظاهر، كطين الشوارع وثياب مدمني الخمر وأواني الكفار المتدينين بالنجاسة وثياب القصابين وأفواه الصبيان وغير ذلك.
والقول الثاني: يُقدم الظاهر. لكن قال ابن عبد السلام في "القواعد": (إنَّ مدْرَك الخلاف ليس مِن حيث الاستصحاب، بل لمرجِّح مِن خارج ينضم إلى ذلك).
ثُم: الأصح الأخذ بالأصل دائمًا. وقيل: غالبًا.
والأول هو ما أَطلق الرافعي ترجيحه في "باب الاجتهاد" في الأواني، قال: (لأنَّ الأصل