للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عدم مخالفة السابق لِمَا هو في الحال.

فالاستصحاب المستقيم: ثبوت أمر في الثاني؛ لثبوته في الأول.

والمقلوب هو: ثبوته في الأول؛ لثبوته في الثاني.

مثاله: لو قيل: هذا الكيل هل هو الذي كان يُكال به على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أو لا؟

فيقال: نعم؛ إذِ الأصل موافقة الماضي للحال.

قال الشيخ تقي الدين السبكي: (لم يَقُل الأصحاب به إلا في مسألة واحدة، فيمن اشترى شيئًا فباعه أو وهبه لآخَر ثم قامت البيِّنة لغيرهما بالملك، فنزع مِن المشتري الثاني أو المتهب، كان للمشتري الأول أنْ يرجع بما أعطى من الثمن على بائعه؛ عملًا باستصحاب الملك الذي ثبت الآن لِمَا قَبْل ذلك؛ فإن البيِّنة لا توجد الملك، ولكن تظهره، فيجب أن يكون الملك سابقًا على إقامتها، ويقدر له لحظة لطيفة. ومن المحتمل انتقال الملك من المشتري إلى المدعي، ولكنهم استصحبوا مقلوبًا وهو عدم الانتقال منه) (١).

واعتُرض على الشيخ بأنهم قالوا به في صوَر كثيرة غير هذه، منها: لو قذفه فزنَا المقذوف، سقط الحد عن القاذف.

وقولي: (فَرَاجعٌ لِمُسْتَقِيمٍ) إشارة إلى أنَّ المقلوب يَعُود في المعنى للمستقيم؛ لأنَّ الاستصحاب المقلوب يقال فيه: لو لم يكن الحكم الثابت الآن ثابتًا مِن قَبْل لكان غير ثابت؛ إذ لا واسطة. وإنْ كان غير ثابت، قضي بالاستصحاب بأنه الآن غير ثابت، لكنه ثابت؛ فدَلَّ أنه كان ثابتًا أيضًا.

وحاصله أن الأصل أنه لم يتغير مِن حالِه مِن قَبْل إلى حالِه الآن، فهو مِن قَبْل كما هو


(١) الإبهاج (٣/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>